تترافق فترة ما بعد الولادة مع ازدياد نسبة الاضطرابات النفسية، ويختلف المختصون في تعريف فترة ما بعد الولادة، فمنهم من يحددها ب 6 أسابيع، ومنهم من يصل بها إلى عام كامل.
اضطرابات ما بعد الولادة تشمل عدة أشكال من الاضطرابات تتراوح في شدتها وخطورتها من اضطرابات بسيطة إلى أخرى شديدة الخطورة ويمكن تقسيمها على النحو التالي:
* تعسر المزاج وهي حالة من الحزن والضيق وتقلب المزاج والعصبية واضطراب النوم والرغبة في البكاء، وتصيب هذه الأعراض نسبة كبيرة من الوالدات قد تصل إلى اكثر من 50% وتبدأ بحدود اليوم الثالث للولادة وتصل ذروتها ما بين اليوم الخامس والسابع، ومن ثم تخف تدريجيا وتنتهي تماما قبل نهاية الأسبوع الثاني.
* اكتئاب النفاس حين تستمر الأعراض لفترة أطول من أسبوعين مع زيادة في حدة الأعراض، فإن الأمر قد يتجاوز مجرد تعسر المزاج وقد يصل إلى حالة من الاكتئاب، حيث تشعر السيدة بالحزن الشديد لفترة تتجاوز الأسبوعين، ويكون هذا الشعر هو الغالب معظم ساعات اليوم ويترافق ذلك مع فتور بالهمة وفقدان الطاقة وعدم القدرة على رعاية المولود، إضافة إلى نوبات البكاء واضطراب النوم واضطراب الشهية والرغبة في الانعزال.
* ذهان النفاس، وهي الأخطر من بين الحالات وتتسم بالاضطراب السلوكي الشديد المتمثل بالهلاوس السمعية والبصرية، إضافة إلى الأوهام الاضطهادية والشك في الآخرين والمشاعر المضطربة تجاه المولود والتي قد تصل أحيانا إلى قتله، وتقدر الدراسات أن نسبة قتل الأبناء قد تصل إلى 4% من المصابات بذهان النفاس.
لا يعرف على وجه الدقة السبب المباشر لاضطرابات النفاس، يمكن الإشارة إلى بعض العوامل
1- الهبوط المفاجئ للهرمونات بعد الولادة وتحديدا هبوط البروجستيرون.
2- وجود تاريخ شخصي أو عائلي للأمراض النفسية أو الإصابة السابقة بأي من اضطرابات ما بعد الولادة.
3- صعوبة الحمل والولادة.
4- الأمهات الوحيدات أو البعيدات عن الدعم الاجتماعي والأسرى.
5- ولادة طفل مريض أو ذي عيوب خلقية.
وبالنسبة لحالت عسر المزاج والحزن البسيطة يكتفي بالدعم النفسي والرعاية من الزوج والأقارب، أما في حالات الاكتئاب والذان فالأمر اكثر تعقيدا وبحاجة للتداخل العلاجي.
بالنسبة للأدوية يتم استعمال مضادات الذهان أو مضادات الاكتئاب وكذلك بعض المهدئات للسيطرة على السلوك المضطرب أو للحماية من إيذاء النفس.
في الحالات الشديدة تدخل المريضة إلى المستشفى، وذلك لعلاجها وحمايتها وحماية طفلها من الإهمال أو العنف مع الاحتياط لخطر الانتحار أو قتل الوليد، ويفضل إدخال الوليد معها لزيادة الارتباط الطبيعي بينهما.