هناك نزعه في بعض اجزاء العالم وخصوصا في امريكا الجنوبيه لتفضيل الولاده القيصريه على الولاده الطبيعيه وفي هذا المقال سنحول ان نصلط الضوء على هذه النزعه اسبابها ونتائجها .
منذ مئات السنين وفي مختلف الحضارات ينظر للولاده الطبيعيه كمعجزه وهبه ربانيه ومناسبه اجتماعيه ذات نهايه سعيده وأم وطفل كلاهما بصحه جيده ,ولكن في السنوات الاخيره بدأ المجتمع العلمي والطبي بالنظر الى التاثيرات السلبيه البعيده الامد للولاده الطبيعيه على حوض الام والاعضاء داخل الحوض.
أجزاء الحوض:-
هناك عده اعضاء موجوده داخل الحوض بما فيها الرحم والمثانه البوليه وجزء من القولون (المستقيم),وهذه الاعضاء تستند على طبقه سميكه من العضلات والتي تمنع هذه الاعضاء من الوقوع الى خارج الحوض ,كذلك فأن هذه الاعضاء معلقه من الجوانب ومن الاعلى بالياف تشبه الحبال تربطها بعظام الحوض ,هذه الالياف تساعد في تثبيت وابقاء الاعضاء في مكانها ,وهناك عصب يغذي عضلات الحوض ويمكن تشبيهه بسلك كهرباء وهو يوصل الاشاره الكهربائيه القادمه من النخاع الشوكي الى العضلات التي تستجيب بالانقباض لتحمل اعضاء الحوض بكفائه فأذا تلف العصب لاتصل الاشاره الكهربائيه للعضلات والتي يحصل فيعا ضعف او شلل.
ماذا يحدث عند الولادة الطبيعية:-
خلال مرور الجنين عبر قناه الحوض وعلى ساعات طويله فد يحدث شد وتمزق في العصب الذي يغذي عضلات الحوض والدراسات تشير الى ان هذا يحدث فى حوالي 30% من الحالات الطبيعيه,ويكون تلف العصب عاده جزئي مما يؤدي الى ضعف الاشاره الكهربائيه التي يرسلها الى عضلات الحوض وهذا يؤدي الى ضعف وضمور هذه العضلات, وهذه العمليه قد تأخذ سنوات طويله قبل ظهور اعراض سريريه واضحه فمع استمرار ضعف العضلات وضمورها التدريجي نتيجه ضعف الاشاره الكهربائيه ونتيجه التقدم بالعمر ينتقل عبئ المحافظه على اعضاء الحوض في مكانها الطبيعي من العضلات والتي تجلس عليها الى الروابط (الحبال) والتي تتعلق فيها ,وفي مرحله معينه لاتستطيع الروابط (الحبال) ان تعوض عن ضعف العضلات فتنقطع من عظام الحوض وعندها تسقط اعضاء الحوض الى خارج الحوض بسبب الجاذبيه وهذا يؤدي الى اعراض مختلفه منها تهبيطه جدار المهبل والرحم وتهبيطه المثانه البوليه وعدم التحكم البولي وتهبيطه القولون وصعوبه في الاخراج والام في اسفل البطن والظهر.
وبما أن العلم الحديث لم يصل بعد لعلاج فعال لمعالجه تلف العصب فأن العلاج يعتمد على تقويه ما تبقى من عضلات الحوض العامله بتمارين رياضيه معينه مثل تمارين كيجل (kegel ) وفي الحالات الشديده جراحيا بأعاده وصل روابط الحوض الى العظم او استخدام روابط صناعيه عوضا عن الروابط الطبيعيه .
وهناك اسباب اخرى لضعف عضلات الحوض وما ينتج عنه ومنها التقدم بالعمر ونقص الهرمونات نتيجه الوصول لمرحله الآياس وغيرها ولكن يبدو ان الولاده الطبيعيه تلعب دورا مهما في حدوث هذا الضعف.
عوامل المخاطره :-
الى الان لايوجد اسلوب علمي واضح لتحديد من سيكون عرضه لتلف عصب الحوض والذي يحدث في حوالي 30%من حالات الولاده الطبيعيه ولكن هناك عوامل معروفه تزيد من فرص حدوث هذا التلف وهي :-
1- اذا كان حجم الطفل المولود كبير.
2- اذا كان عدد الولادات الطبيعيه كثيره .
3- استخدام الملقط او جهاز الشفط لسحب راس الجنين الى خارج الحوض وهذا اكثر الاسباب اهميه.
4- استخدام كميات كبيره من دواء الاوكسيتوسين والذي يعمل لاحداث الطلق الصناعي .
5- قص العضلات في نهايه المهبل (العضلات التي بين المهبل وفتحه الشرج) لتسهيل خروج راس الطفل.
ماهو الحل ؟ :-
لا اعتقد بأن لدينا الاجوبه الكامله لهذا السؤال ولكن يبدو منطقيا ان نحول تجنب العوامل التي تزيد من احتماليه ضعف العضلات وتلف العصب ,واذا كنت حاملا اوتفكرين في الحمل نقترح عليكي بان ترجعي لطبيبك بهدف العنايه بالحمل وهذا يسمح لك بمعرفه ان كان هناك اي تضيق غير طبيعي بمعظم الحوض ويساعدك على الاكتشاف المبكر لمرض سكري الحمل في حاله حدوثه وهو سبب معروف لزياده وزن الجنين وعلاجه مبكرا يمنع هذه الزياده , كذلك اسالي طبيبتك عن تمارين عضلات الحوض ومارسيها لتقويه عضلات الحوض وعن تفاصيل الولاده واسلوب التنفس الصحيح خلال الولاده وغيرها .
كذلك على الطبيبات المعالجات تجنب استخدام الملقط وجهاز الشفط الا في حالات الضروره وكذلك التقليل من استخدام الغير ضروري من الطلق الصناعي وتجنب قص عضلات المهبل الخارجيه الا عند الضرورة.
ماذا عن تجنب الولادة الطبيعية واستبدالها بالولادة القيصرية:-
بالولادة القيصرية يمكن تجنب نسبة كبيرة من تلف العصب والعضلات في الحوض والتي قد تحدث في 30%من الولادات الطبيعية ولكنةالمجتمع العلمي الطبي ليس مستعدا بعد للتوصية بعمل ذلك وللأسباب التاليه _
1-30% فقط من الولادات الطبيعيه تؤدي الى تلف عضلات الحوض واذا أوصينا بعملية قيصرية لكل حامل فهذا يعني أننا نعرض 70% من السيدات الحوامل لعملية قيصرية غير ضرورة لهم .
2-العملية القيصرية تحمل معها احتماليه المضاعفات الحاده مثل حوادث التخدير , النزف وجرح المثانه البوليه , والتهاب الجرح وغيرها وكذلك احتماليه المضاعفات بعيده الامد مثل حدوث التصاقات داخل الحوض والتي تؤدي الى الام مزمنه او تلف في قناوات فالوب مما يؤدي الى صعوبه في الحمل في المستقبل وكذلك التصاق المشيمه بالندب الجراحيه في الرحم وهذا يؤدي إلى صعوبه في ازالتها في الحمل المستقبلي وأحياناً إلى الإضطرار الى استئصال الرحم , كذلك فإن حديثي الولادة نتيجة القيصرية معرضين أكثر من حديثي الولادة نتيجة الولادة الطبيعية الى صعوبات في التننفس ولكن أغليها يكون بسيط الدرجة وقصير الأمد , الاخطر من ذلك هو اجراء عملية قيصرية بالخطأ لجنين لم يكمل التسعة أشهر بعد مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس ومشاكل مزمنة في الجهاز التنفسي وغيرها.
رأيى الشخصي:-
برأيى الشخصي وهو لايمثل رأي المجتمع الطبي بالضروره هو ان العمليه القيصريه اختياريه قد تكون خيارا مقبولا للمرأه التي ترغب بعائله صغيره محدوده بطفلين او ثلاثه فقط بشرط ان تكون مدركه لمخاطر العمليه القيصريه الاولى والمعاده بشرط ان يكون عندها القدره الى الوصول للعنايه والمتابعه الطبيه جيده في فتره الحمل وان تجري العمليه القيصريه في مستشفى مجهز بغرفه عمليات وطاقم طبي كفؤ للعنايه بالأم والجنين ، أما السيدات اللواتي يرغبن بعائله أكبر من ذلك فأنا لا أزال أنصح بالولاده الطبيعيه.