ما أحوجك يا أخي في محنتك إلى ان تلجأ الى الله وتلوذ اليه وتحتمي بحماه ليرعاك برعايته ويحفظك بحفظه توكل عليه وسلم له، وفوض أمرك اليه، وأنت اليه،ـ واشكو اليه ضعفك، وهوانك على الناس، واتق الله حق تقاته:
((ومن يتق الله يجعل له مخرجاً)).
((اليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه)).
((قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)).
والحقيقة ان من سلّم واستسلم لله وعلم ان لن يصيبه الا ما كتب الله له لم يبق للخوف من المخلوقين في قلبه موضع، ومن رضي بحكم الله وقسمه لم يبق لرجاء الخلق في قلبه موضع.
عش يا أخي مع الرسل موقفهم مع أعداء الله حينما قالوا:
((وما لنا الا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما أذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون)).
أكثر يا أخي من قولك حسبنا الله ونعم الوكيل، وعليك يا أخي بدعاء سيدنا يونس عليه السلام عندما كان في بطن الحوت وهو: (لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين).
ويا أخي حينما يشتد بك الايذاء تذكر قائدك وزعيمك وحبيبك محمداً صلى الله عليه وسلم وما تعرض له من سفهاء الطائفة.
ومما يخفف عنك أخي المظلوم
ان تقبل على كتاب الله: تتلوه بتدبروخشوع، فستجد فيه الراحة والطمأنينة والانس فهو خير جليس وخير انيس في وقت الشدة والعافية وان حبك بينك وبين كتاب الله فردد ما تحفظه منه، ولذلك ننبه كل اخ ان يحفظ ما أستطاع من كتاب الله فهو خير زاد له في الدنيا والاخرة.
وأفزع يا أخي الى الصلاة فهي صلة للعبد بربه تسمو فيه روحه وترقى، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما مر به امر أفزع الى الصلاة، كما يدعونا الله ان نستعين بالصبر والصلاة في كل أمورنا:
((يا ايها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين)).
وأطرق باب الكريم في جوف الليل وظلمته مع ظلمة السجون وظلم الجلادين، أطرقه مع الركعات والسجدات بالدعوات والدمعات من خشيته، فلن يرد الله من يقف على بابه خائباً فانه يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء عمن ناداه.
ادع يا اخي لنفسك ولدعوتك ولاخوانك بظهر الغيب، فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وتذكر الادعية المناسبة التي هدانا اليها رسولنا الكريم مثل: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
ومثل دعاء الكرب (لا اله الا الله العظيم الحليم لا اله الا الله رب العرش العظيم لا اله الا الله رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم).
ان المؤمن اذا سمت روحه وارتقت بالانس بالله وبكتاب الله والدعاء الى الله كلما قل شعوره بمتاعب الجسد والآمه ومتاعب النفس وضيقها بما تلاقي.
يذكر ان احد الاخوة في محنة خمسة وستين بمصر كان محبوساً أنفرادياً: اي وحده في الزنزانة وبابها مغلق وكأنه في الكون الفسيح لا يحس انه داخل جدران وباب مغلق، وكان الحارس امام الباب يشفق عليه، فيغافل رئيسه ويفتح الباب نصف فتحة بضع دقائق، لعل ذلك يؤنس الاخ، ولكن الاخ يقول أن انسه كان يقل عندما يحدث ذلك ويشعر بوحشة اذا فُتح ذلك الباب، ولعل ذلك ان فتح الباب يقلل من صلته بالله وحياته معه وانسه به.
ومما يخفف عنك ايضاً اخي المظلوم، ان تثق بالله ثقة مطلقة بحيث تطمئن الى ان ما يختاره لك ويقدره عليك هو الخير كل الخير وان بدا في ظاهره ضر تكره النفس فالله تعالى يقول: ((وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون)).
واعلم كذلك يا أخي ان اقدار الله نافذة لا مفر منها فلتقبلها برضا ولتسلم دون تملل ولا تبرم ولا تجزع وأصبر فستنتهي الشدة ويبقى الاجر والنصر القريب ان شاء.
ولتتصور يا أخي انه ربما كان هناك بلاء أشد مما أنت فيه فتحمد الله على ما أنت فيه، ثم لتحمد الله ان مصيبتك ليست في دينك، فالمصيبة الحقة تكون في الدين بانحراف او ضلال او فسق او كفر والعياذ بالله.
ومما يخفف عنك أخي المظلوم ان تثق في وعد الله للمؤمنين بالدفاع عنهم ونصرهم والتمكين لهم وتعلم ان دوام الحال من المحال وان فرج الله ونصره قريبان، فما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال الى حال، ومن صبح منير يحق الله فيه الحق ويبطل الباطل.
(( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق)).
ولكنها سنة الله في ابطال الباطل ان يتم ذلك بالمدافعة بين اهل الحق واهل الباطل.
((كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض)).
:بااااااارك: