النية مقدمة لكل عمل
ما كان لعمل أن يحالفه التوفيق والنجاح إذا لم يكن مسبوقا بعزم القلب على حب بلورة الشيء الذي نريد الوصول إليه بالتفكير والتدبير والإمعان وتصور الأشياء بالصفة التي نريدها موفقة ناجحة تعود علينا بالنفع العميم.
تعالى معي نرى مصير من أغفل عن عقد النية واندفع من غير تفكير نحو محله التجاري الذي يبعد بمسافة طويلة عن منزله. فبعد أن قطع الكيلومترات وصل إلى باب متجره، وحين هم بالدخول أدرك أنه نسي المفتاح في منزله. فما كان عليه إلا أن يطوي مسافة العودة بعد عناء طويل في البحث عن المفتاح وهو يلوم زوجته ويعاتبها، واللوم كله يعود إليه لكونه أغفل عن عقد النية بالتحضير للذهاب إلى المتجر الذي يذكره حينها بإحضار المفتاح.
ثم مصير من يسكن بالطابق الثلاثين من عمارة شاهقة حصل عطب بمصعدها الذي كلفه عناء صعود درج العمارة، تارة يقف وتارة يجلس ليستريح وهو يلهث في صعوده إلى أن وصل إلى باب شقته منهك القوة ليدرك أنه نسي المفتاح في جيب معطفه الذي تركه للإصلاح عند الخياط بالطابق الأرضي للعمارة.
هذا مصير من غاب عقله وتفكيره عن عقد النية قبل الشروع في العمل.
الحمد لله على نعمة الإسلام الذي علمنا كيف نعقد النية قبل الشروع في كل عمل كالوضوء بحضور بدني وحضور روحي وجداني للتحضير للوضوء بتجميع قوتنا الفكرية حتى لا ننسى أي جزء من الوضوء. ثم بعقد النية قبل الدخول في الصلاة بحضور بدني وبحضور روحي وجداني للتأكد من توقيت الصلاة والكيفية التي نقوم بأدائها على أحسن وجه، هل هي ثنائية أم ثلاثية أم رباعية ثم تحضير الصور التي نتلوها سرا أو جهرا أثناء أداء الصلاة مع الحرص على أن لا نقع في الخطأ. ولا يمكن ذلك إلا بالتحضير وسبق الإصرار.
النية هي التصميم قبل الشروع في بناء منزل أو عمارة، فبعد التفكير والإمعان نكون صورة عن الشيء الذي نريده.
فبقدر ما تكون إنارة السيارة مجموعة مكتفة أمامها بقدر ما تكون الرؤية واضحة لضمان حسن سيرها بسلام في ظلمة الليل.
[center]