أفضل ما في البرتقال عصيره وأفضل ما في الإنسان إيمانه وصالح أعماله، وما بقي منهما إلا هيكل يقبر وقشور ترمى
قد نقتني كميات من فاكهة البرتقال ونحن أشد الحرص على حملها بعناية واهتمام إلى بيوتنا لاستخراج عصيرها الحلو الطيب اللذيذ المنعش والمضاد للزكام، وذلك بعد إزالة قشورها التي نلقي بها في القمامة لكونها عديمة الجدوى والفعالية.
وقد نأتي لبيوتنا بقنينة من زجاج أو من بلاستيك تحتوي على مادة الزيت أو على ماء معدني ونحن أشد الحرص على حملها بعناية واهتمام. إلا أننا بمجرد استهلاك المحتوى من السائل ولم يبق منه بقاء نلقي بالقنينة الفارغة في القمامة بعد أن انتهى الأمر منها ومن وظيفتها ولا نعير أي اهتمام بها حتى ولو شاهدناها تكورها وتعبث بها الرياح، إذ المقصود والمضمون منها هو ما كانت تحتوي عليه من عمل في الاحتفاظ بالسائل.
كذلك الإنسان عندما يموت يصير جثة هامدة جامدة لا فائدة من الاحتفاظ بها ولو كان الهالك من أعز الناس إلينا حينما نذهب به إلى متواه الأخير ليوارى التراب الكل منه قد انتهى في حياته إلا ما قام به من عمل هو مصيره في دار البقاء.
إن الحياة رحلة قصيرة لمقام دائم، والموت بداية وامتداد لحياة أخرى خير وأبقى لمن اتقى.
« لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون» صدق الله العظيم
من أعطي الاختيار
عليه بطلب العلم والصحة
تكاثر الطلب على المال وتهافت الناس على حبه وتقديسه. ما أخلد المال صاحبه وما أعاد راقدا من مرقده كالذي أهلك مالا لبدا ولم يغنيه عن شيء يوم القيامة أبدا.
ما أدام صحة وما منع هرما ولا شيخوخة ولا تصدى لمرض حين يفتك بمصابه.
كم من تجار ربحت تجاراتهم من بيع العديد من أجزاء الأراضي المعدة للبناء مساحتها على مد البصر، وقد شيدوا وبنوا فوقها منازل فسيحة فخمة أجزلت لهم العطاء الأوفر من المال الذي ضاقت به خزائن الأبناك، ثم ماتوا واقبروا على مساحة ذراع بجانب مراقد الفقراء.
«ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة» صدق الله العظيم
أين مالهم وعقاراتهم ومساكنهم الفسيحة التي أعدت للراحة والرخاء واستقبال الضيوف الأثرياء وسط الحدائق الغناء.
ما أعظمك ربي وما أكرمك وما أرحمك : ذكرت لنا ستا ورجحت لنا الاختيار في اثنين هما الأصلح والأنسب حين قلت وقولك الحق: «زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث» وكان الاختيار الأنسب لنا وأنت ربنا أعلم بما في نفوسنا : «إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم»صدق الله العظيم. أي في الصحة والعلم، وهذا هو الاختيار الأنسب.