كثيراً ما يعاني الطفل جراء اعتقاد خاطئ أنّه رجل، فإذا لعب وُبِّخ بدعوى أنَّ عمله ليس من أعمال الرجال، وإذا ركب قصبة وتخيَّلها حصاناً استهزأ به كلّ من كان حوله، وإذا جلس في الحديقة يصنع من التراب الجبال والقصور منعوه بحجَّة عدم الفائدة من عمله.
فإذا كان ابنك قوي الإرادة، فلا تحاولي أن تتغلَّبي على إرادته وتخضعه لإرادتك، ولكن حاولي أن توجِّهي هذه الإرادة التوجيه الصحيح، وعلى الابن أن يدرك أنَّه لا يستطيع أن يفعل دوماً كلّ ما يحلو له.
أمَّا إذا كان حساساً، يشعر بالألم والانزعاج بسرعة، فلا تقارنيه بغيره من الأولاد، وأظهري تعاطفك معه، ولكن دون أن تستجيبي دوماً لطلباته ورغباته، وإذا ما كان ولدك من النوع السهل المرن، فلا تنشغلي عنه بالأعمال الأخرى تاركة ابنك يدبِّر أموره بنفسه، فقد ينشأ مكتفياً بنفسه يظنُّ أنَّه ليس بحاجة إلى أحد.
أمَّا إذا كان ولدك انطوائياً انعزالياً، فأفسحي له المجال لإبداء الاهتمام والرغبة في بعض الأعمال، مع بعض التشجيع، كي تتوسَّع آفاقه ونشاطاته.
إذا تعلَّم الولد الثقة بوالديه، فسيتعلَّم أيضاً الثقة بالآخرين، وعلى الوالدين أن يدركا مبدأ "الاستمرارية" في أسلوب تعاملهما مع الأولاد، أي أن يتصرّف الوالدان بمعيار واحد، وموقف ثابت.
دخل طفل مرَّة إلى متجر لُعب، فوقعت أنظاره على لعبة مكسورة، فسأل في غضب: من كسر هذه اللعبة؟
الأم: أيّ شيء يعنيك في هذا؟
الطفل: لا بدَّ أن أعرف من كسرها ؟ إنَّها غالية !
كان الصغير يسأل لا ليعرف اسم الذي كسر اللعبة، بل ليعرف ماذا حدث له، هل عوقب؟ وبأيّ صورة؟
والردُّ البسيط هو أنَّ هذا متجر يُجرِّبُ فيه الناسُ اللعب التي صُنعت ليلعب بها الأطفال، ويحدث أحياناً أن تُكسر بلا قصد، إنَّ هذا الردَّ يجعل الطفل في أعماقه يقول:
"إنَّ هؤلاء الكبار أناس طيبون! إنَّهم لا يغضبون بسرعة إذا ما كسرت لعبة عن غير قصد، إنَّهم متسامحون محبُّون للأطفال، وليس من الضروري أن أخافهم، بل إنَّ الاطمئنان والأمان يسود حياتي بينهم".
احترمي طفلك:
الطفل بحاجة إلى احترام شخصيته لتنمو وتقوى، فإذا ما ذبلت هذه الشخصية؛ حُرم الطفل النجاح والفوز في المستقبل، ولم يتهاون في ارتكاب الرذائل؛ لأنَّه يشعر بأنَّه محتقر مهان.
وليس معنى احترام الطفل الخضوع لكلّ رغباته والانحناء أمام شهواته، بل البحث عن مواهب الطفل والسعي لتنميتها، وبعث الثقة فيه والعمل على تشجيعه وبثِّ روح التفاؤل والاعتماد على النفس فيه.
وبالطبع فإنَّ هذا الكلام ينطبق على الطفلة أيضاً، أمَّا سلوك بعض الناس بإهمال البنت، وإيثار أخيها في كل شيء حتى تشعر بحقارتها وصغر قيمتها، فهذا سلوك لا يقبل به عرفٌ ولا دينٌ .