ان الحب في مجتمعنا عاطفة معقدة..لان مجتمعنا نفسه معقد,كل شيء في مجتمعنا العصري صناعي حتى الكلام اسلوب صناعي للتعبير, نصفه يضيع في التكلف والمجاملات..ونصفه الاخر يضيع في الخوف والخجل..واذا تبقى شيء فهو يخرج من الفم وقد تحول الى كذبة..وحياتنا صناعية, الطعام والشراب والمواصلات والمراسلات..كل جزء من حياتنا تصنعه شركة او يقوم على تركيبة مصنع..والانسان في داخل هذه الالة الجهنمية..فاقد لفطرته البيضاء النقية..وتبقى النتيجة الاخيرة من كل هذا المسخ الحضاري هي غرابة علاقتنا وعواطفنا, حيث اصبح حبنا ليس طبيعيا..وكراهيتنا ايضا ليست طبيعية, وهذا هوالحب السخيف ان صح التعبير..فالحب احساس جاهز فطري ينبع من عمق صدورنا..ينمو اذا وافقته الظروف وهو ينمو دائما من الداخل بدون مؤثرات بهلوانية وتمثيلية من الخارج, وهو يضيع في اللحظة التي يبدأ فيها الطرفان يصنعان صنعا كما تصنع الادوية.. وانه احساس داخلي ينمو بطريقة تلقائية بدون قصد او نية, ويبدأ باحساس فطري بالسرور والفرح والارتياح لمجرد التلاقي بدون الحاجة الى الكلام او محاضرات..
ان الحب ارقى عملية يمارسها الانسان لانه من خلالها تستطيع مكوناته الجسمية والنفسية والعقلية جميعا ان تمارس احلى وظائفها واعمقها تغلغلا في كيان الانسان..الحب عملية واعية فاهمة عميقة بل العملية الوحيدة التي يستطيع من خلالها ان يصل الى اعمق اعماق شخصية.
فالحب هو شيء سام, وعاطفة نبيلة لايمكن للانسان ان يعيش بدونها, لان بحث الرجل عن المرأة ماهو بحث عن الاكتمال, وبحث عن سؤال انطولوجي يتمحور حول اشكالية الوجود والكينونة.. فلا حياة طبيعية بدون التقاء طبيعي وعاطفي بين رجل وامراة..
وهكذا يمكن اعتبار الحب مدرسة ومؤسسة للتكوين وللتاطير, ووسيلة لتطهير نفوس المحبين وبث الامل ودماء الحياة في عروقهم..